فصل: بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:

(لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ، أَوْ فِي مُصَلَّى الْمِصْرِ، وَلَا تَجُوزُ فِي الْقُرَى) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ وَلَا فِطْرَ وَلَا أَضْحَى إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» وَالْمِصْرُ الْجَامِعُ: كُلُّ مَوْضِعٍ لَهُ أَمِيرٌ وَقَاضٍ يُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَعَنْهُ أَنَّهُمْ إذَا اجْتَمَعُوا فِي أَكْبَرِ مَسَاجِدِهِمْ لَمْ يَسَعْهُمْ، وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَالثَّانِي اخْتِيَارُ الثَّلْجِيِّ، وَالْحُكْمُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى الْمُصَلَّى، بَلْ تَجُوزُ فِي جَمِيعِ أَفْنِيَةِ الْمِصْرِ، لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَتِهِ فِي حَوَائِجِ أَهْلِهِ.
الشرح:
بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ، وَلَا فِطْرَ، وَلَا أَضْحَى إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ».
قُلْت: غَرِيبٌ مَرْفُوعًا، وَإِنَّمَا وَجَدْنَاهُ مَوْقُوفًا عَلَى عَلِيٍّ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ، إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ».
انْتَهَى.
ورَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ، وَلَا صَلَاةَ فِطْرٍ، وَلَا أَضْحَى، إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ، أَوْ مَدِينَةٍ عَظِيمَةِ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا، أَنْبَأَ الثَّوْرِيُّ عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ بِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَا تَشْرِيقَ، وَلَا جُمُعَةَ، إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ بِهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ زُبَيْدٍ بِهِ، وَهَذَا إنَّمَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا، فَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَا يُرْوَى عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
(وَتَجُوزُ بِمِنًى إنْ كَانَ الْأَمِيرُ أَمِيرَ الْحِجَازِ أَوْ كَانَ الْخَلِيفَةُ مُسَافِرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا جُمُعَةَ بِمِنًى) لِأَنَّهَا مِنْ الْقُرَى حَتَّى لَا يُعِيدُ بِهَا، وَلَهُمَا أَنَّهَا تَتَمَصَّرُ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ، وَعَدَمُ التَّعْيِيدِ لِلتَّخْفِيفِ، وَلَا جُمُعَةَ بِعَرَفَاتٍ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، لِأَنَّهَا فَضَاءٌ وَبِمِنًى أَبْنِيَةٌ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْخَلِيفَةِ وَأَمِيرِ الْحِجَازِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُمَا، أَمَّا أَمِيرُ الْمَوْسِمِ فَيَلِي أُمُورَ الْحَجِّ لَا غَيْرَ.
(وَلَا يَجُوزُ إقَامَتُهَا إلَّا لِلسُّلْطَانِ أَوْ لِمَنْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ) لِأَنَّهَا تُقَامُ بِجَمْعٍ عَظِيمٍ، وَقَدْ تَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي التَّقْدِيمِ، وَقَدْ تَقَعُ فِي غَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْهُ تَتْمِيمًا لِأَمْرِهِ.
(وَمِنْ شَرَائِطِهَا الْوَقْتُ، فَتَصِحُّ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَلَا تَصِحُّ بَعْدَهُ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إذَا مَالَتْ الشَّمْسُ فَصَلِّ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ» (وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِيهَا اسْتَقْبَلَ الظُّهْرَ، وَلَا يَبْنِيهِ عَلَيْهَا) لِاخْتِلَافِهِمَا.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إذَا مَالَتْ الشَّمْسُ، فَصَلِّ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ».
قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: «كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ». انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِيدَانَ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ السُّلَمِيُّ قَالَ: شَهِدَتْ الْجُمُعَةَ، مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَكَانَتْ خُطْبَتُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَذَكَرَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ نَحْوَهُ، قَالَ: فَمَا رَأَيْت أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ، وَلَا أَنْكَرَهُ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ ابْنِ سِيدَانَ.
(وَمِنْهَا الْخُطْبَةُ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صَلَّاهَا بِدُونِ الْخُطْبَةِ فِي عُمُرِهِ (وَهِيَ قَبْلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الزَّوَالِ) بِهِ وَرَدَتْ السُّنَّةُ (وَيَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِقَعْدَةٍ) بِهِ جَرَى التَّوَارُثُ.
(وَيَخْطُبُ قَائِمًا عَلَى طَهَارَةٍ) لِأَنَّ الْقِيَامَ فِيهِمَا مُتَوَارَثٌ، ثُمَّ هِيَ شَرْطُ الصَّلَاةِ فَيُسْتَحَبُّ فِيهَا الطَّهَارَةُ كَالْأَذَانِ (وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا أَوْ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ جَازَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَارُثَ، وَلِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ يُسَمَّى خُطْبَةً) لِأَنَّ الْخُطْبَةَ هِيَ الْوَاجِبَةُ، وَالتَّسْبِيحَةُ أَوْ التَّحْمِيدَةُ لَا تُسَمَّى خُطْبَةً.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا تَجُوزُ حَتَّى يَخْطُبَ خُطْبَتَيْنِ، اعْتِبَارًا لِلْمُتَعَارَفِ، وَلَهُ قَوْله تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ} مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَارْتُجَّ عَلَيْهِ، فَنَزَلَ وَصَلَّى.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ بِدُونِ الْخُطْبَةِ».
قُلْت: ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ عَلَى وُجُوبِ الْخُطْبَةِ بِهَذَا، مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».
قَوْلُهُ: وَهِيَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ: بِهِ وَرَدَتْ السُّنَّةُ يَعْنِي الْخُطْبَةَ.
قُلْت: يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ، وَكَثُرَ النَّاسُ أَمَرَ بِالْأَذَانِ الثَّانِي، عَلَى الزَّوْرَاءِ».
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَذَانَ لَا يَكُونُ إلَّا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ الْأَذَانُ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ لِلْخُطْبَةِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ، قَالَ: «قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: أَسَمِعْت أَبَاك يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيَانِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْت: نَعَمْ، سَمِعْته يَقُولُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَقْضِيَ الصَّلَاةَ، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: يَعْنِي عَلَى الْمِنْبَرِ»، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَيَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِقَعْدَةٍ، بِهِ جَرَى التَّوَارُثُ.
قُلْت: فِيهِ أَحَادِيثُ، فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ.
وَمُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا»، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: «كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَقُومُ، كَمَا يَفْعَلُونَ الْآنَ». انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ، فَيَخْطُب قَائِمًا، فَمَنْ حَدَّثَك أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا، فَقَدْ كَذَبَ، وَقَدْ، وَاَللَّهِ صَلَّيْت مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ صَلَاةٍ» انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، كَانَ يَجْلِسُ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ حَتَّى يَفْرُغَ أَذَانُ الْمُؤَذِّنِ، ثُمَّ يَقُومُ، فَيَخْطُبُ، ثُمَّ يَجْلِسُ، فَلَا يَتَكَلَّمُ، وَيَقُومُ، فَيَخْطُبُ»، انْتَهَى.
والْعُمَرِيُّ فِيهِ مَقَالٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: بَلَغَنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْدَأُ، فَيَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ، قَامَ، فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى، ثُمَّ جَلَسَ شَيْئًا يَسِيرًا، ثُمَّ قَامَ، فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ، حَتَّى إذَا قَضَاهَا اسْتَغْفَرَ اللَّهَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَصَلَّى».
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «وَكَانَ إذَا قَامَ أَخَذَ عَصَا، فَتَوَكَّأَ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ»، ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، انْتَهَى.
وَفِي هَذَا الْمُرْسَلِ، وَفِي الْحَدِيثِ قَبْلَهُ جُلُوسُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِمَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقَوِّي الْآخَرَ.
قَوْله: وَيَخْطُبُ قَائِمًا عَلَى الطَّهَارَةِ، لِأَنَّ الْقِيَامَ فِيهَا مُتَوَارَثٌ.
قُلْت: تَقَدَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ.
قَوْلُهُ: عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَارْتُجَّ عَلَيْهِ، فَنَزَلَ، وَصَلَّى.
قُلْت: غَرِيبٌ، وَاشْتُهِرَ فِي الْكُتُبِ أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَارْتُجَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ كَانَا يُعِدَّانِ لِهَذَا الْمَكَان مَقَالًا، فَإِنَّكُمْ إلَى إمَامٍ فَعَّالٍ، أَحْوَجُ مِنْكُمْ إلَى إمَامٍ قَوَّالٍ، وَسَتَأْتِي الْخُطْبَةُ بَعْدَ هَذَا، وَالسَّلَامُ، وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْقَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ السَّرَقُسْطِيُّ فِي كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ سَنَدٍ، فَقَالَ: رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَارْتُجَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، إنَّ أَوَّلَ كُلِّ مَرْكَبٍ صَعْبٌ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يُعِدَّانِ لِهَذَا الْمَقَامِ مَقَالًا، وَأَنْتُمْ إلَى إمَامٍ عَادِلٍ أَحْوَجُ مِنْكُمْ إلَى إمَامٍ قَائِلٍ، وَإِنْ أَعِشْ تَأْتِكُمْ الْخُطْبَةُ عَلَى وَجْهِهَا، وَيَعْلَمُ اللَّهُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: يُقَالُ اُرْتُجَّ عَلَى فُلَانٍ، إذَا أَرَادَ قَوْلًا، فَلَمْ يَصِلْ إلَى إتْمَامِهِ، انْتَهَى.
(وَمِنْ شَرَائِطِهَا الْجَمَاعَةُ) لِأَنَّ الْجُمُعَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْهَا (وَأَقَلُّهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ثَلَاثٌ سِوَى الْإِمَامِ، وَقَالَا: اثْنَانِ سِوَاهُ) قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحْدَهُ، لَهُ أَنَّ فِي الْمَثْنَى مَعْنَى الِاجْتِمَاعِ وَهِيَ مُنْبِئَةٌ عَنْهُ، وَلَهُمَا أَنَّ الْجَمْعَ الصَّحِيحَ إنَّمَا هُوَ الثَّلَاثُ، لِأَنَّهُ جَمْعٌ تَسْمِيَةً وَمَعْنًى، وَالْجَمَاعَةُ شَرْطٌ عَلَى حِدَةٍ، وَكَذَا الْإِمَامُ فَلَا يُعْتَبَرُ مِنْهُمْ.
الشرح:
حَدِيثٌ فِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْجُمُعَةِ بِثَلَاثٍ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَعِيدٍ التُّجِيبِيِّ وَالْوَلِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيَّةِ، قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى أَهْلِ كُلٍّ قَرْيَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا إلَّا ثَلَاثَةً، وَرَابِعُهُمْ إمَامُهُمْ»، انْتَهَى.
وَقَالَ: هَؤُلَاءِ مَتْرُوكُونَ، وَكُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا عَنْ الزُّهْرِيِّ مَتْرُوكٌ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَلَا يَصِحُّ سَمَاعُ الزُّهْرِيِّ مِنْ الدَّوْسِيَّةِ، انْتَهَى.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: لَا يَصِحُّ فِي عَدَدِ الْجُمُعَةِ شَيْءٌ، انْتَهَى.
حَدِيثُ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ عَلِيلَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ جَرَادٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ:
أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، تَرَحَّمْ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: فَقُلْت لَهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ.
قُلْت: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ، انْتَهَى.
وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَقَدْ عَنْعَنَ، لَكِنْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، فَصَرَّحَ فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ صَحِيحٌ، فَإِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ، إذَا ذَكَرَ سَمَاعَهُ، وَكَانَ الرَّاوِي عَنْهُ ثِقَةً اسْتَقَامَ الْإِسْنَادُ، وَأَمَّا قَوْلُ الْحَاكِمِ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، فَمَرْدُودٌ، لِأَنَّ مَدَارَهُ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ مُسْلِمٌ إلَّا مُتَابَعَةً، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ فِي كُلِّ ثَلَاثَةٍ إمَامًا، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ، فَصَاعِدًا، جُمُعَةٌ وَأَضْحَى وَفِطْرٌ».
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(وَإِنْ نَفَرَ النَّاسُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ وَيَسْجُدَ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ اسْتَقْبَلَ الظُّهْرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَالَ: إذَا نَفَرُوا عَنْهُ بَعْدَمَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ صَلَّى الْجُمُعَةَ، فَإِنْ نَفَرُوا عَنْهُ بَعْدَمَا رَكَعَ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَةً بَنَى عَلَى الْجُمُعَةِ) خِلَافًا لِزُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ، هُوَ يَقُولُ: إنَّهَا شَرْطٌ فَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِهَا كَالْوَقْتِ، وَلَهُمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهَا كَالْخُطْبَةِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الِانْعِقَادَ بِالشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِتَمَامِ الرَّكْعَةِ، لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَيْسَ بِصَلَاةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِهَا إلَيْهَا، بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ، فَإِنَّهَا تُنَافِي الصَّلَاةَ فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهَا، وَلَا مُعْتَبَرَ بِبَقَاءِ النِّسْوَانِ وَكَذَا الصِّبْيَانِ، لِأَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ فَلَا تَتِمُّ بِهِمْ الْجَمَاعَةُ.
(وَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مُسَافِرٍ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا مَرِيضٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا أَعْمَى) لِأَنَّ الْمُسَافِرَ يُحْرَجُ فِي الْحُضُورِ، وَكَذَا الْمَرِيضَ وَالْأَعْمَى، وَالْعَبْدُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى، وَالْمَرْأَةُ مَشْغُولَةُ بِخِدْمَةِ الزَّوْجِ، فَعُذِرُوا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالضَّرَرِ (فَإِنْ حَضَرُوا وَصَلَّوْا مَعَ النَّاسِ أَجْزَأَهُمْ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ) لِأَنَّهُمْ تَحَمَّلُوهُ فَصَارُوا كَالْمُسَافِرِ إذَا صَامَ.
(وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْجُمُعَةِ).
وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَا فَرْضَ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ، وَلَنَا أَنَّ هَذِهِ رُخْصَةٌ فَإِذَا حَضَرُوا يَقَعُ فَرْضًا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، أَمَّا الصَّبِيُّ فَمَسْلُوبُ الْأَهْلِيَّةِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَصْلُحُ لِإِمَامَةِ الرِّجَالِ، وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُمْ صَلَحُوا لِلْإِمَامَةِ فَيَصْلُحُونَ لِلِاقْتِدَاءِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
الشرح:
قَوْلُهُ: وَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مُسَافِرٍ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا مَرِيضٍ، وَلَا أَعْمَى، لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثًا.
وَفِيهِ أَحَادِيثُ:
مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ أَخْبَرَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ هُرَيْمِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ، إلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ»، انْتَهَى.
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَطَارِقٌ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، انْتَهَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَهَذَا غَيْرُ قَادِحٍ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُرْسَلَ صَحَابِيٍّ، وَهُوَ حُجَّةٌ، وَالْحَدِيثُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ هُرَيْمِ بْنِ سُفْيَانَ بِهِ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَقَدْ احْتَجَّا بِهُرَيْمِ بْنِ سُفْيَانَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبَا مُوسَى، وَطَارِقُ بْنُ شِهَابٍ يُعَدُّ فِي الصَّحَابَةِ، انْتَهَى.
وَهُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ، قَدْ رَوَاهُ، لَيْسَ فِيهِ: أَبُو مُوسَى، كَمَا هُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَلْيُنْظَرْ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إرْسَالٌ، فَهُوَ مُرْسَلٌ جَيِّدٌ، وَطَارِقٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.
وَمِمَّنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَلِحَدِيثِهِ شَوَاهِدُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ الْحَكَمِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيِّ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ: إلَّا عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ أَوْ مُسَافِرٍ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ الْحَكَمِ أَبِي عَمْرٍو بِهِ، وَزَادَ فِيهِ: «الْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ».
حَدِيثٌ آخَرُ:
أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ: إلَّا عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أَوْ ذِي عِلَّةٍ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إلَّا عَلَى مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ»، انْتَهَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ: سَنَدُهُ ضَعِيفٌ، انْتَهَى.
حَدِيثُ فِي السَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ:
أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فِي سَرِيَّةٍ، فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَغَدَا أَصْحَابُهُ، وَقَالَ: أَتَخَلَّفُ، فَأُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَآهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا مَنَعَك أَنْ تَغْدُوَ مَعَ أَصْحَابِك؟ قَالَ: أَرَدْت أَنْ أُصَلِّيَ مَعَك، ثُمَّ أَلْحَقَهُمْ، فَقَالَ: لَوْ أَنْفَقْت مَا فِي الْأَرْضِ، مَا أَدْرَكْت فَضْلَ غَدْوَتِهِمْ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعُ الْحَكَمُ عَنْ مِقْسَمٍ إلَّا خَمْسَةَ أَحَادِيثَ، لَيْسَ هَذَا مِنْهَا، انْتَهَى.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ الْحَجَّاجُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ الزُّهْرِيِّ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَجَ لِسَفَرٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ»، انْتَهَى.
(وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَا عُذْرَ لَهُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، وَجَازَتْ صَلَاتُهُ).
وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا يُجْزِئُهُ، لِأَنَّ عِنْدَهُ الْجُمُعَةَ هِيَ الْفَرِيضَةُ أَصَالَةً، وَالظُّهْرُ كَالْبَدَلِ عَنْهَا، وَلَا مَصِيرَ إلَى الْبَدَلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ، وَلَنَا أَنَّ أَصْلَ الْفَرْضِ هُوَ الظُّهْرَ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ، هُوَ الظَّاهِرُ، إلَّا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِسْقَاطِهِ بِأَدَاءِ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَدَاءِ الظُّهْرِ بِنَفْسِهِ دُونَ الْجُمُعَةِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى شَرَائِطَ لَا تَتِمُّ بِهِ وَحْدَهُ، وَعَلَى التَّمَكُّنِ يَدُورُ التَّكْلِيفُ (فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَحْضُرُهَا فَتَوَجَّهَ إلَيْهَا وَالْإِمَامُ فِيهَا بَطَلَ ظُهْرُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالسَّعْيِ، وَقَالَا: لَا يَبْطُلُ حَتَّى يَدْخُلَ مَعَ الْإِمَامِ)، لِأَنَّ السَّعْيَ دُونَ الظُّهْرِ، فَلَا يُنْقِضُهُ بَعْدَ تَمَامِهِ، وَالْجُمُعَةُ فَوْقَهَا فَيُنْقِضُهَا، وَصَارَ كَمَا إذَا تَوَجَّهَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ، وَلَهُ أَنَّ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ مِنْ خَصَائِصِ الْجُمُعَةِ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَتَهَا فِي حَقِّ ارْتِفَاضِ الظُّهْرِ احْتِيَاطًا، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَعْيٍ إلَيْهَا.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَعْذُورُونَ الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ، وَكَذَا أَهْلُ السِّجْنِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْلَالِ بِالْجُمُعَةِ، إذْ هِيَ جَامِعَةٌ لِلْجَمَاعَاتِ، وَالْمَعْذُورُ قَدْ يَقْتَدِي بِهِ غَيْرُهُ، بِخِلَافِ أَهْلِ السَّوَادِ، لِأَنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ (وَلَوْ صَلَّى قَوْمٌ أَجْزَأَهُمْ) لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهِ.
(وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَة صَلَّى مَعَهُ مَا أَدْرَكَهُ، وَبَنَى عَلَيْهَا الْجُمُعَةَ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا} (وَإِنْ كَانَ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَنَى عَلَيْهَا الْجُمُعَةَ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ أَكْثَرَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَنَى عَلَيْهَا الْجُمُعَةَ، وَإِنْ أَدْرَكَ أَقَلَّهَا بَنَى عَلَيْهَا الظُّهْرَ)، لِأَنَّهُ جُمُعَةٌ مِنْ وَجْهٍ ظُهْرٌ مِنْ وَجْهٍ لِفَوَاتِ بَعْضِ الشَّرَائِطِ فِي حَقِّهِ، فَيُصَلِّي أَرْبَعًا اعْتِبَارًا لِلظُّهْرِ، وَيَقْعُدُ لَا مَحَالَةَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ اعْتِبَارًا لِلْجُمُعَةِ، وَيَقْرَأُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِاحْتِمَالِ النَّفْلِيَّةِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ مُدْرِكٌ لِلْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، حَتَّى يَشْتَرِطَ نِيَّةَ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ رَكْعَتَانِ، وَلَا وَجْهَ لِمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فَلَا يُبْنَى أَحَدُهُمَا عَلَى تَحْرِيمَةِ الْآخَرِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَدْرَكْتُمْ، فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا».
قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» انْتَهَى أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَذَانِ وَالْجُمُعَةِ وَمُسْلِمٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي الْمَسَاجِدِ وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَلَفْظُهُمْ الْجَمِيعُ فِيهِ: وَأَتِمُّوا وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ،وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ وَالتِّسْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا: «وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا»، قَالَ مُسْلِمٌ: أَخْطَأَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَلَا أَعْلَمُ رَوَاهَا عَنْ الزُّهْرِيِّ غَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: قَالَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَحْدَهُ: فَاقْضُوا، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا أَعْلَمُ رَوَى عَنْ الزُّهْرِيِّ: وَاقْضُوا إلَّا ابْنَ عُيَيْنَةَ وَحْدَهُ وَأَخْطَأَ، انْتَهَى.
وَفِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ، فَقَدْ رَوَاهَا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ، وَقَالَ: فَاقْضُوا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدُ فِي الْأَدَبِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ: فَاقْضُوا، وَمِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ، نَحْوَهُ، وَمِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ كَذَلِكَ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنْ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ نَحْوَهُ، فَقَدْ تَابَعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ جَمَاعَةٌ، وَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ بَوْنٌ، مِنْ جِهَةِ الِاسْتِدْلَالِ، فَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ: فَأَتِمُّوا، مَنْ قَالَ: إنَّ مَا يُدْرِكُهُ الْمَأْمُومُ هُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ: فَاقْضُوا، مَنْ قَالَ: إنَّمَا يُدْرِكُهُ، هُوَ آخَرُ صَلَاتِهِ، قَالَ صَاحِبُ تَنْقِيحِ التَّحْقِيقِ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَرْقٌ، أَنَّ الْقَضَاءَ هُوَ الْإِتْمَامُ فِي عُرْفِ الشَّارِعِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ}، وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ}، انْتَهَى.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «صَلِّ مَا أَدْرَكَتْ، وَاقْضِ مَا سَبَقَك» وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ائْتُوا الصَّلَاةَ، وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، فَصَلُّوا مَا أَدْرَكْتُمْ، وَاقْضُوا مَا سَبَقَكُمْ، انْتَهَى.
قَالَ أَبُو رَافِعٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَمَّا أَبُو ذَرٍّ فَاخْتُلِفَ عَنْهُ، فَرُوِيَ عَنْهُ، فَأَتِمُّوا، وَرُوِيَ عَنْهُ، فَاقْضُوا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
(وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَرَكَ النَّاسُ الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ) قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَالَا: لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ، وَإِذَا نَزَلَ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ، لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلْإِخْلَالِ بِفَرْضِ الِاسْتِمَاعِ، وَلَا اسْتِمَاعَ هُنَا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَمْتَدُّ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ فَلَا صَلَاةَ وَلَا كَلَامَ» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَلِأَنَّ الْكَلَامَ قَدْ يَمْتَدُّ طَبْعًا فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ، فَلَا صَلَاةَ، وَلَا كَلَامَ».
قُلْت: غَرِيبٌ مَرْفُوعًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَفْعُهُ وَهْمٌ فَاحِشٌ، إنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: خُرُوجُهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ، انْتَهَى.
وَعَنْ مَالِكٍ، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي مُوَطَّئِهِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الصَّلَاةَ، وَالْكَلَامَ، بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ، وَأَخْرَجَ عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: «إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَا صَلَاةَ».
وَعَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ فِي الرَّجُلِ يَجِيءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ: يَجْلِسُ، وَلَا يُصَلِّي، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت»، انْتَهَى.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ أَخْبَرَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (تَبَارَكَ)، وَهُوَ قَائِمٌ، فَذَكَّرَنَا بِأَيَّامِ اللَّهِ، وَأَبُو ذَرٍّ يَغْمِزُ لِي، فَقَالَ: مَتَى أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ؟ إنِّي لَمْ أَسْمَعْهَا إلَّا الْآنَ، فَأَشَارَ إلَيْهِ أَنْ اُسْكُتْ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا، قَالَ: سَأَلْتُك مَتَى أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ، فَلَمْ تُخْبِرْنِي؟ فَقَالَ: أُبَيٍّ لَيْسَ لَك مِنْ صَلَاتِك الْيَوْمَ، إلَّا مَا لَغَوْتَ، فَذَهَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: صَدَقَ أُبَيٍّ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِهِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ آخَرَ، فَقَالَ: ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ ثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَذَكَرَ سُورَةً، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لِأُبَيٍّ: مَتَى أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: مَا لَك مِنْ صَلَاتِك إلَّا مَا لَغَوْتَ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: صَدَقَ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ التَّاسِعِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْمَسْجِدَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَجَلَسَ إلَى جَنْبِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، أَوْ كَلَّمَهُ بِشَيْءٍ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، فَظَنَّ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهَا مَوْجِدَةٌ، فَلَمَّا انْفَتَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَا أُبَيّ، مَا مَنَعَك أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ؟ قَالَ: لَا، بَلْ لَمْ تَحْضُرْ مَعَنَا الْجُمُعَةَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: سَأَلْتَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَامَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: صَدَقَ أُبَيٌّ، أَطِعْ أُبَيًّا»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ فَجَعَلَ بَيْنَ أَبِي ذَرٍّ وَأُبَيٍّ، قَالَ: وَرُوِيَتْ بَيْنَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأُبَيٍّ، انْتَهَى.
وَيُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ، حَدِيثُ سُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ، أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: أَصَلَّيْت يَا فُلَانُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا»، وَزَادَ فِيهِ مُسْلِمٌ: وَقَالَ: «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» انْتَهَى.
وَزَادَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «وَقَالَ لَهُ: لَا تَعُدْ لِمِثْلِ ذَلِكَ»، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُرِيدُ الْإِبْطَاءَ لَا الصَّلَاةَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ جَاءَ فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ، بِنَحْوِهِ، فَأَمَرَهُ بِرَكْعَتَيْنِ مِثْلِهِمَا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ، وَلِأَصْحَابِنَا عَنْهُ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْصَتَ لَهُ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيِّ ثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُمْ، فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَأَمْسَكَ عَنْ الْخُطْبَةِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ»، انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ: أَسْنَدَهُ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ، وَوَهَمَ فِيهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: يَا فُلَانُ، أَصَلَّيْت؟ قَالَ: لَا، قَالَ: قُمْ فَصَلِّ، ثُمَّ انْتَظَرَهُ حَتَّى صَلَّى»، انْتَهَى.
قَالَ: وَهَذَا الْمُرْسَلُ هُوَ الصَّوَابُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا أَمَرَهُ يَعْنِي سُلَيْكًا أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ يَخْطُبُ، أَمْسَكَ عَنْ الْخُطْبَةِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ، ثُمَّ عَادَ إلَى خُطْبَتِهِ»، انْتَهَى.
قَالَ: وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَأَبُو مَعْشَرٍ، اسْمُهُ: نَجِيحٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، انْتَهَى.
وَبِهَذَا السَّنَدِ الثَّالِثِ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَهَذَا الْجَوَابُ يَرُدُّهُ مَا فِي الْحَدِيثِ «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، أَوْ قَدْ خَرَجَ، فَلِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»، انْتَهَى.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، هَكَذَا تُرْوَى الْقِصَّةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي قِصَّةِ سُلَيْكٍ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ شُرُوعِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْخُطْبَةِ، وَقَدْ بَوَّبَ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى عَلَى حَدِيثِ سُلَيْكٍ بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «جَلَسَ سُلَيْكٌ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَرَكَعْت رَكْعَتَيْنِ؟، قَالَ: لَا، قَالَ: قُمْ فَارْكَعْهُمَا»، انْتَهَى.
وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي غَيْرِ سُلَيْكٍ، رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحَلْوَانِيُّ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «دَخَلَ النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُمْ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا، وَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَلْيُخَفِّفْهُمَا»، انْتَهَى.
وَالنُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ بَدْرِيٌّ، وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ، قَالَ: وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُصَلُّونَ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ»، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَأَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ، اسْمُهُ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ ابْنِ عَدِيٍّ كِتَابَهُ الْكَامِلَ قَالَ: وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ لَمْ يَرَ كِتَابَهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، انْتَهَى.
وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، مِنْ وَلَدِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ سَائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي فِي زَمَنِ عُمَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا خَرَجَ عُمَرُ، وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَطَعْنَا الصَّلَاةَ، وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ وَيُحَدِّثُونَا، وَرُبَّمَا نَسْأَلُ الرَّجُلَ الَّذِي يَلِيهِ عَنْ سُوقِهِ وَمَعَاشِهِ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ خَطَبَ، وَلَمْ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، مُخْتَصَرًا.
(وَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ تَرَكَ النَّاسُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَتَوَجَّهُوا إلَى الْجُمُعَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}.
(وَإِذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ جَلَسَ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ بَيْنَ يَدَيْ الْمِنْبَرِ) بِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا هَذَا الْأَذَانُ، وَلِهَذَا قِيلَ: هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ السَّعْيِ وَحُرْمَةِ الْبَيْعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْأَوَّلُ إذَا كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ، لِحُصُولِ الْإِعْلَامِ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الشرح:
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَإِذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ جَلَسَ، وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بَيْنَ يَدَيْ الْمِنْبَرِ، بِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا هَذَا الْأَذَانُ.
قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: «كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَوَّلُهُ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُثْمَانَ، وَكَثُرَ النَّاسُ، زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ، عَلَى الزَّوْرَاءِ» انْتَهَى.
وفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: النِّدَاءَ الثَّانِيَ، وَزَادَ ابْنُ مَاجَهْ: عَلَى دَارٍ فِي السُّوقِ يُقَالُ لَهَا: الزَّوْرَاءُ، وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: إنَّ الَّذِي زَادَ التَّأْذِينَ الثَّالِثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَذِّنٌ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، انْتَهَى.
وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ، بِلَفْظِ: «كَانَ النِّدَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ، عَلَى الْمِنْبَرِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَامَّةِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ»، انْتَهَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّمَا جُعِلَ ثَالِثًا، لِأَنَّ الْإِقَامَةَ تُسَمَّى أَذَانًا، كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي بَابِ رَجْمِ الْحُبْلَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَلَسَ عُمَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ، قَامَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
أَحَادِيثُ السَّلَامِ عِنْدَ صُعُودِ الْمِنْبَرِ: فِيهِ أَحَادِيثُ مُسْنَدَةٌ، وَأَحَادِيثُ مُرْسَلَةٌ، أَمَّا الْمُسْنَدَةُ: فَعَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ، فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ خَالِدٍ ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ سَلَّمَ»، انْتَهَى.
وَهُوَ حَدِيثٌ وَاهٍ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْت أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيِّ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ سَلَّمَ»، فَقَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَلَّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ مِنْبَرِهِ مِنْ الْجُلُوسِ، فَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ تَوَجَّهَ إلَى النَّاسِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَأَعَلَّهُ بِعِيسَى، وَقَالَ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَهُوَ إذًا مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: يَرْوِي عَنْ نَافِعٍ مَا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، لَا يَحْتَجُّ بِهِ إذَا انْفَرَدَ، انْتَهَى.
وَأَمَّا الْمُرْسَلَةُ: فَعَنْ الشَّعْبِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، فَمُرْسَلُ عَطَاءٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ»، انْتَهَى.
وأَمَّا مُرْسَلُ الشَّعْبِيِّ فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ ثَنَا أَبُو أُمَامَةَ ثَنَا مُجَالِدٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ، وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلُونَهُ»، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ: رَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ ثَنَا دَاوُد بْنُ رُشَيْدٍ ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَا: «جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ؟، قَالَ: لَا، قَالَ: فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» انْتَهَى.
حَدِيثُ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَعُ مِنْ قَبْلِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَزَادَ فِيهِ: «وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا»، وَسَنَدُهُ وَاهٍ جِدًّا، فَمُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ مَعْدُودٌ فِي الْوَضَّاعِينَ، وَحَجَّاجٌ وَعَطِيَّةُ ضَعِيفَانِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إسْمَاعِيلَ الرَّازِيّ أَنْبَأَ سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ الرَّقِّيِّ ثَنَا غِيَاثُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ خَصِيفٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا، وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا» انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ ثَنَا سُفْيَانُ الْقَصْعَرِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ ثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ سَوَاءً، وَزَادَ يَجْعَلُ التَّسْلِيمَ فِي آخِرِهِنَّ رَكْعَةً، انْتَهَى.
وَلَمْ يَذْكُرُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ فِي الْبَابِ غَيْرَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ»، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَذَكَرَ أَيْضًا حَدِيثَ نَافِعٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ، وَيُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ»، انْتَهَى.
قَالَ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، انْتَهَى.
وَسُنَّةُ الْجُمُعَةِ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْكِتَابِ فِي الِاعْتِكَافِ فَقَالَ: السُّنَّةُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ، وَبَعْدَهَا أَرْبَعٌ، وَأَشَارَ إلَيْهَا فِي إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ، فَقَالَ: وَلَوْ أُقِيمَتْ، وَهُوَ فِي الظُّهْرِ أَوْ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَقِيلَ: يُتِمُّهَا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: مَوْقُوفٌ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَبَعْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، انْتَهَى.
أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا، وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: مَوْقُوفٌ رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ صَافِيَةَ، قَالَتْ: رَأَيْت صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، صَلَّتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ لِلْجُمُعَةِ، ثُمَّ صَلَّتْ الْجُمُعَةَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا السُّنَّةُ الَّتِي بَعْدَهَا، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ»، وَفِي لَفْظٍ: «كَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَصَلُّوا أَرْبَعًا، فَإِنْ عَجِلَ بِكَ شَيْءٌ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَكْعَتَيْنِ إذَا رَجَعْت»، انْتَهَى.